responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 241
الْقِرَاءَاتِ وَعُمُومُ الْأَزْمَانِ أَوِ الْأَحْوَالِ لَا يَسْتَلْزِمُ عُمُومَ الْأَشْخَاصِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ كَمَا هُوَ بَين.
[205]

[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 205]
وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (205)
إِقْبَالٌ بِالْخِطَابِ على النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ، بَعْدَ أَنْ أُمِرَ بِمَا أُمِرُ بِتَبْلِيغِهِ مِنَ الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالْمُنَاسَبَةُ فِي هَذَا الِانْتِقَالِ أَنَّ أَمْرَ النَّاسِ بِاسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ يَسْتَلْزِمُ أَمْرَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِمْ قِرَاءَةً جَهْرِيَّةً يَسْمَعُونَهَا، فَلَمَّا فَرَغَ الْكَلَامُ مِنْ حَظِّ النَّاسِ نَحْوَ قِرَاءَةِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ فِي حَظّ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ التَّذَكُّرُ الْخَاصُّ بِهِ، فَأُمِرَ بِأَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ مَا اسْتَطَاعَ وَكَيْفَمَا تَسَنَّى لَهُ، وَفِي أَوْقَاتِ النَّهَارِ الْمُخْتَلِفَةِ، فَجُمْلَةُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمَلِ السَّابِقَةِ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ [الْأَعْرَاف: 196] إِلَى هُنَا.
وَالنَّفْسُ اسْمٌ لِلْقُوَّةِ الَّتِي بِهَا الْحَيَاةُ، فَهِيَ مُرَادِفَةُ الرُّوحِ، وَتُطْلَقُ عَلَى الذَّاتِ الْمُرَكَّبَةِ مِنَ الْجَسَدِ وَالرُّوحِ، وَلِكَوْنِ مَقَرِّ النَّفْسِ فِي بَاطِنِ الْإِنْسَانِ أُطْلِقَتْ عَلَى أُمُورِ بَاطِنِ الْإِنْسَانِ مِنَ الْإِدْرَاكِ وَالْعَقْلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ عِيسَى تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي [الْمَائِدَة: 116] وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ يَتَطَرَّقُ إِلَى إِطْلَاقِهَا عَلَى خُوَيْصَّةِ الْمَرْءِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ
فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ فِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ»
فَقَابَلَ قَوْلَهُ: فِي نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ: فِي مَلَأٍ.
وَالْمَعْنَى: اذْكُرْ رَبَّكَ وَأَنْتَ فِي خَلْوَتِكَ كَمَا تَذْكُرُهُ فِي مَجَامِعِ النَّاسِ.
وَالذِّكْرُ حَقِيقَةٌ فِي ذِكْرِ اللِّسَانِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ: وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ وَذَلِكَ يَشْمَلُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِ الْقُرْآنِ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ تَمْجِيدُ اللَّهِ وَشُكْرُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، مِثْلُ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ وَالْحَوْقَلَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالدُّعَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَ «التَّضَرُّعُ» التَّذَلُّلُ- وَلَمَّا كَانَ التَّذَلُّلُ يَسْتَلْزِمُ الْخِطَابَ بِالصَّوْتِ الْمُرْتَفِعِ فِي عَادَةِ الْعَرَبِ كَنَّى بِالتَّضَرُّعِ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ مُرَادًا بِهِ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيُّ وَالْكِنَائِيُّ،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست